كان عليَّ أن أكبر!



لو كنت أعود طفلة أو لو كنت أقدر جر تلك السنوات قليلاً للوراء، حتى أختار مهنة أخرى، مهما خسفت بي الدنيا لن أتمنى امنية الطفولة أن أغدو معلمة للأطفال، ما أسخف ما أحسه الآن من حمل لا يطاق أضيق به فقط ويتحول كل الشغف لعبء ليس بي ما يصمد في وجهه أكثر، أربع من السنوات في الشغف أنهته بكل أسف، ما عاد بمقدوري أن أمنح أكثر، كل شيء فيني يشح حتى العناق والحديث والمجاملة كل ذلك ثقيل...ثقيل فقط، أصبح الأمر برمته جالباً للغثيان أود أن أزيل رتابة هذا الملل الذي ما يفتأ يلتهمني كوحش لا ملاذ منه إلا فيه، دون فائدة، علي أن أبسم كل صباح لسرب الأطفال وكأن كل يوم صباح عيد، علي أن آخذ بخاطر الباكي وأفتح علبة ماء لتلك وأن أستمع لرحلة تلك السعيدة، وان ابادل شوق العناق بعناق أكبر حتى تسعد هذه الصغيرة، مهما ما كان بي علي أن أبقى سعيدة ومهما ما كان يعصف بي علي أن أسعدهم بنفس وجهي الباسم صبيحة العيد، علي أن أتحمل سوء التحصيل الدراسي وأن اكرر لتلك الطفلة ألف مرة بطرق مبتكرة حتى تفهم، علي أن أرد على جم الرسائل التي يبعثها ولي الأمر في كل وقت وأي وقت دون مراعاتهم لحسن الذوق، علي أن أقابل عدداً لا نهائياً من الخلق في كل يوم وعلي أن أظل مبتسمة وهادئة مهما كان الكلام قاسياً علي أن أرد بلطف، علي أن أمتص كل الغضب منه ثم أصيره راضياً وكأن وظيفتي خلق السعادة للجميع وضريبة ذلك أن تفنى سعادتي رويداً رويدا وتتلاشى حتى صرت أسألني كم بقي منها لم يتلاشى، هل بمقدوري اكمال ذات الطريق وأراه مزدحماً بكل عسير...؟

كان علي أن أكبر...وكنتُ أسعى لأن أكبر بكل جوارحي وكأنه ميلاد السعادة الأبدي، ما كنت أفقه لذة أن تبقى طفلاً جل همك تتمنى أن تكبر لتفعل ما تريد كما يفعل الكبار، وحين كبرت رأيت أن الأطفال وحدهم من يملكون كل شيء يريدوه ووحدهم من يفعل كل شيء يطلبوه، يرمي كتابه جانباً وينام في عرض الغرفة وسط الصخب ويترك حل الواجب ويغفر كل ذلك له لأنه صغير، لو كان الزمان ينسانا ويتركنا صغاراً فيكبر كل شيء إلانا...!

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

إلى أين...يا هذا العالم؟

مذكرة:في يوم الأمس..."الأربعاء"!