صورةٌ و صورة:طفولة ناقصة...!

صورةٌ و صورة:طفولة ناقصة...!

مدخل:
"العالم هذا مزيج من الأضداد لا تنتهي،هل لك أن تستحضر في خاطرك الصورة و النقيض؟،تفكر إذاً و بها تأمل..."
كما أخبرتك،عليك أن تأتي بنقيض كل صورة...هيا لنبدأ أيها القارئ العزيز...!

الصورة الأولى:
مجموعة من الأطفال تحف القمامة من كل جانب،كل صغير يبحث عما يؤكل...أحدهم يجد برتقالة أصابها بعض العفن...يستاء لذلك فيقول له الآخر...:"لا بأس،هذا العفن قليل جداً..."،ترتفع معنوياته و يضعها في جيبه.
في الواقع...في الأحياء الراقية...لا تبحث عما يؤكل في خبايا القمامة سوى القطط...!

الصورة الثانية:
طفلة صغيرة،أصيبت بفشل كلوي،تحتاج لغسيل يومي من صديقها الجهاز الذي يقتات على الكهرباء،مرة قطعت الكهرباء فتوقف الجهاز...تسبب ذلك في دخول الهواء لجسدها الصغير الضعيف،تألمت عندها...لم تعد قادرة على الحراك...نقلت للمستشفى...و أجريت لها عملية فورية.
هذه الصغيرة تصرخ من عزة و تقول:"الكهرباء حياتنا"...،فهي كل شيء بالنسبة لها،أتعلم ماذا تعني الحياة لك؟...كذلك تعني الكهرباء لتلك الغضة الطرية...!

الصورة الثالثة:
صغير من الإيغور التركية القابعة في تركستان الشرقية،يضع يديه على رأسه و تتراكله أقدام الصينيين من غير المسلمين،أحدهم يتقدم في بسالة خرقاء لينفرد بضربه...الصغير بدا يمسك يده من الألم صارخاً متأوهاً...لم أفهم ما كان يقول أو يقال له...لكن نبرة الضعف و الألم كانت تتغنى مع صرخاته...شعرت به يستنجد...و يا كأنه كان يصرخ "وامعتصماه"...!
ترى كم من مسلم اليوم يستنجدونه؟...لكن لم تلبى سوى صرخة تلك المرأة أول مرة...و حين مات لم تجد الأمة معتصماً بعده...و تظل صرخاتنا ترتد إلينا بوقع الصدى!.

الصورة الرابعة:
الولايات المتحدة ترمي النفايات الإلكترونية بغانا إحدى الدول الإفريقية،حيث لا يسمح برميها في مناطقها،صغير متخصص في جمع النفايات الإلكترونية و أخذ ما يصلح منها للبيع...قال:"أتمنى أن أكبر،و حين يصبح عمري 15 سنة،أذهب للكنيسة و أصبح راهباً...و حين أموت أكون مع الله في الجنة"...!
هكذا يروي الصغير أمنيته ليتخلص من عالم النفاية الملوث،هكذا يسيء الغرب للدول النامية (المتخلفة)!

مخرج:
كل الصور السابقة،هناك رابط يجمعها...جميعها تتحد تحت شعار "طفولة ناقصة"...إن مرحلة الطفولة أسمى مراحل البراءة و الهناءة...من حق أي صغير أن يستمتع بها فقط...أن يضحك و يلهو و يحلق تارة أخرى في فضاء الأحلام...لقد كانت قسوة من تلك الكبيرة حين سئل الصغير عن أمنيته فزجرته و وبخته و أمرته أن يكبر أولاً...أتعلم ماذا قال الصغير الإفريقي الغض؟...كل جرمه أن قال على سبيل الحلم"سأصبح رئيساً"...!
حتى الأحلام صارت في عرف الحرام على الصغار،الكبار وحدهم من رسم دماء التعاسة للصغار هؤلاء...هم يخططون لتقسيم الحضارات متقدمة و متخلفة...ليغدو العالم يقسم البشر إثرها تحت حقوق إنسانية و أخرى حيوانية...لا يعيش بها البشري كالإنسان...!
ما ذنب ذلك الصغير...أن تصبح القمامة صديقته،أن يعيش في الظلام يستسقي بعضاً من شموع،أن يضرب لخلفية طائفية،أن يعيش في بيئة ملوثة،أن يزجر...لأنه يحلم؟!
قالت هديل الحضيف – رحمها الله- :"لكني،لا أحتمل صرخة طفل،من حقه أن يبني قصراً على شاطئ..."
هذه العبارة،تختصر الكثير...في حق  الطفولة الحقيقية!


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

كان عليَّ أن أكبر!

إلى أين...يا هذا العالم؟

مذكرة:في يوم الأمس..."الأربعاء"!