حديث القلب:"الانهزام النفسي،و ما بعده"!

حديث القلب:"الانهزام النفسي،و ما بعده"!

"من السهل أن تخمد ملاكك،و تستدعي وحشك المظلم...دون أن تدرك مراسيم الاستدعاء أو حتى تتألم،لكن...قد تستيقظ و بعض الدم يخضب بنانك...!"

(1)

حالات الانهزامات النفسية التي يعيشها العربي،دفعته بلا ريب إلى البحث الدؤوب عن الانتصارات الصغيرة التي يحققها العرب في العصر الحديث...!

كان بلا ريب أن تلوح صور الفدائيين في عقولهم و أحاديثهم بقلوبهم،بحثاً عن مجد القوة في زمن تحكمه غلبة القوي على الضعيف ليشبع نهمه الشيطاني و لو مؤقتاً!

لكن من الغريب أن تختصر هذه اللهفة في انتصارات حالات الحرب القتالية فقط!،مع تعدد أوجه الحرب على المزعوم إسقاطه بالحرب عليه!

فلسطين،و كأي عربية أعشق أي شبر من الأراضي العربية،كانت محط اهتمامي...أعلم كم قتل إسرائيل من فلسطين حبيبتي و شرد،و كم انتهك و حرض ضدها و ألب الرأي العام لصالح حركته الصهيونية و وعد الدولة.
العرب تخسر فلسطين،و تربح في اتفاقية أسلو 22% من أراضيها تقريباً يقوم عليه ما تبقى من فلسطين كدولة،إنه لخسارة أعظم من ألا تكون لك أرضاً من الأساس!.

(2)

مرارة ذلك في هذه الحرب،كانت تمحوها قصص الأبطال الفدائيين و الانتفاضة و المقاومة...و كل صاروخ ضرب تل أبيب...،و أنا أشاهد مقاطع ذعر اليهود و كيف أن أحدهم يصرخ في هستيرية من الخوف ... ضحكت و تبسمت في نشوة دون أن أدرك،لكن... حين تنبهت لم أكمل انتصاراتي المزعومة،لأني وجدت نفسي السابقة الإنسانية تضيع،و لم أرغب أن تتحول لحظات الانتقام للذات شيطانية تستسيغ ضياع البشرية،و تألف جو الدماء و تأنسه!.

(3)

كل ما أرمي إليه،أن لا نتخلى عن جانبنا الإنساني الذي يسكننا،على الجميع أن يكره سفك الدماء و ثقافة نشر الذعر،ما أود أن أصل إليه "أن لا تصبح  تلك الصور الجالبة للغثيان تمر مر الكرام عليك،كأي صورة لذيذة شهية،حين يحدث هذا و تفرح في نشوة لأجله،أنت لم تعد إنساناً بعد".

عليك أن تقتل العدو في أقصى الأمر لتعيش،و ليس بدافع الانتقام فقط...لأن لذة الانتقام قد ترتكب بشكل أبشع فيما بعد،مهما كان هذا العالم يغذي فكرة الانتقام،عليك أن تتخلص من ترسباتها بشكل سريع،لأن الأهم لنشر السلام...أن تكون إنساناً بالدرجة الأولى.

لذلك في عملية الجهاد هذب الإسلام المجاهد في طريقة القضاء على الخصم،بالقتل المباشر دون التعذيب و تجنب تشويه معالم الأرض،و عدم قتل إمرأة و طفل و شيخ كبير!.
هذا قمة الإنسانية و الرحمة في القتل.

(4)

فعلى صعيد الأخوة التي تربطك بالعالم أسره،نستطيع أن نجملها في أربع،أخوة وطنية تمتد إلى أخوة قومية،تمتد إلى أخوة إسلامية،بدورها تمتد إلى أخوة إنسانية!

جميل هذا المفهوم،إنه يركز مفهوم أن الكل يربطه رباط الإنسانية في النهاية،و أن هذا الكون هو عائلة إنسانية كبيرة جداً،لكن أين من يقبل هذا و يعمل به؟

لو فقط تختفي القومية التصنيفية لتبرير سفك دماء الإنسانية،أظن أن الجميع سيدرك الأخوة الإنسانية،لن نعيش عندها في عالم يخلو من المظالم و القتل،لكن الإنسان سيربح نفسه إن ربح إنسانيته،لن تنتهي الحروب أبداً،لكنها...ستصبح بنكهة إنسانية!

(5)

في صغري كنت أحفظ من مسلسلي الكرتوني المفضل -صانع السلام- :"أن تنتقم،لا يعني أن تنسى،بأنك إنسان"!

شدتني تلك،لكني الآن أدركتها،و وجدت أن الإسلام يؤطرها كحقيقة،حين هذب آداب جهاد القتال،و كيفية التعامل مع الأسرى و ما إلى ذلكِ قياساً!.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

كان عليَّ أن أكبر!

إلى أين...يا هذا العالم؟

مذكرة:في يوم الأمس..."الأربعاء"!