تحت رحمة كلمات وحش

الفكر العربي،أقلها نضجاً فكرياً،لأن الأغلب يسلم عقله لـ "قال الشيخ" ،و إن إفتقد قوله لأصل الحجة و الدليل و عارض العقل و المنطق.
أجرينا طاولة حوار مع الفتيات ، وجدت أن البعض ترفض فكرة التعددية و تتبنى تطبيق الشريعة من منظور واحد متجاهلة أن الأصل ثابت و الإختلاف جاء في الفروع و هي بحق من رفع السماء لرحمة عظيمة ، ثقافة الإختلاف و تنوع الأراء هي ليست معروفة و إن طبقت قولاً فالمجتمع لا زال يرفضها كواقع.
إن تقسيم المجتمع وفق قاعدة "مع أو ضد" يسهل أمر سحق الآخر و وصفه بعدم العقلانية و هذا شأنه شأن الاستبدادية و السادية ، على العموم نحن في مجتمع يتبع في الأساس العقل الجمعي ، لذلك في الغالب أن من يخالف يكون واحداً لا أكثر -كنسبة و تناسب- ، ضعف العقول نحن لا نحمله للبسطاء كذنب ، بل نرجح ذلك لأصحاب الفكر و الحق الذين يصمتون فيستغل الباطل نشر أكاذيبه كحق مدثرةً بغطاء الدين و يستمر مسلسل سل عواطف الإنسانية الدينية لحماية دينهم - فالتدين فطرة الأسوياء- وشن حرب مقدسة على الرأي الآخر.
يحصل أن توصف بالمزعزع لكونك تتبنى نظرة إنفتاحية في مفهوم شمولية الإسلام ، نحن لا نقصد بالانفتاحية التحلل من الشرع فقط نرمز بذلك للتحرر من قيد المجتمع الفكري نحو رحمة الإسلام و شموليته.
أوضاعنا الفكرية متدهورة إذ ما قرنت ذلك ببقية الدول المتقدمة ، و من العجيب أن اسقاطات الكلمات المستخدمة في الدول المتقدمة الوعي الفكري تطبق هنا دون أن تدرك معانيها الحقيقية ،و تقرن اللغة بثنائيات عجيبة لا تجتمع ، فنذكر حادثة لكم مثلاً:
 "كنت مع أحدهم ، أتجاذب أطراف الحديث في حوار ذا مستوى لا بأس به من التوافق فتفاجأت بها تقول:الشيخ -الفلاني- يحرض على الجهاد!
تعجبت بداية فقلت:كيف يقرن لفظ التحريض بلفظ الجهاد؟
بررت ذلك في سياق حديثها و نهاية فهمت أن مقصدها كان الإرهاب!".
أصبحنا نخلط في الكلمات و نصور الجهاد إرهاباً ، أصبحنا نسمع الشيخ و نقول فقط كما يقول ، إذ لم نتطور فكرياً سنصبح تحت رحمة الكلمات التي يصنعها شخص ما بدافع لا أدري ما أسميه سوى التضليل.
نحن بحق أصبحنا تحت رحمة كلمات يصدرها شيخ ، فأخرى قالت لي قولاً مجحفاً بإنسانية الأنثى لأن الشيخ قال ذلك ، أتدري عزيزي ما ذا قال الشيخ؟ ، قال شيخهم "المرأة إذابلغت الثلاثين صارت عانساً" و برر في سياقه كيف أن الرجل لا تصيبه العنوسة ، هذا ليس من شأننا لكننا وضعنا حال الأنثى تحت رحمة كلمات الشيخ ، و إن جاء حديث الشيخ في سياق العضل و مقصده حسن ، لكن ذلك ليس منطقياً بتحديد سن معين لقضية "........"!
أيضاً من تضليل الكلمات ، أن يستخدم خطاب ديني بحت يثير عواطف البشرية لغرض سياسي بحت ، و تخبركم بذلك شعوب السلفية الجامية فالحكايا فيها كثير!

أخيراً:

"إن كل خطاب يحتمل المناقشة،و إلا صرنا تحت رحمة كلمات وحش!".

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

كان عليَّ أن أكبر!

إلى أين...يا هذا العالم؟

مذكرة:في يوم الأمس..."الأربعاء"!